التمييز العنصري وتجارة الرقيق واستعباد البشر “هبّة” الدراما الخليجية

تعرف “الهبّة” باللهجة الكويتية بأنها ظاهرة مجتمعية يقوم الغالبية بالسير وراءها واتباعها، على الرغم من واقعية توارد الافكار في الدراما التلفزيونية والايمان المطلق بـ “الهبة” التي يلهث وراءها غالبية المنتجين، الا أن الحقيقة تؤكد بأن حدوث ذلك لا يمكن أن يكون عابرا أو صدفة بل لا بد من وجود سر مخفي يكشف أسباب عرض اكثر من مسلسل يحمل ذات الفكرة أو يكون متشبعا منها

والمتابع لآخر أعمال موسم دراما 2023 سيكتشف انها تطرح نفس القضية مثل ما حدث في مواسم سابقة بتناول قضايا مشتركة عن الجن والشعوذة والسحر وفنتازيا الرعب وغيرها من الأفكار

تبحث مجموعة من الأسئلة عن اجابات شافية: كيف يقوم اكثر من مؤلف بطرح فكرة مسلسل تدور في نفس الفلك؟ وكيف تجمع الصدفة اكثر من منتج لإنتاج مسلسل يحمل ذات المضمون؟ وكيف يمكن تفسير قيام جهات انتاجية لا تربطها علاقة مشتركة بتقديم ثلاثة مسلسلات في موسم واحد تحمل فكرة وحيدة وجريئة لم يسبق تناولها في الدراما الخليجية؟، هل هناك من يخطط ويمسك بأطراف اللعبة وهو من يقوم بتسيير الدراما بحسب الاتجاه الذي يريده؟، من يتحكم في بوصلة الدراما ويختار موضوعاتها ويجعلها “هبّة” الموسم؟

طرحت مسلسلات “دكة العبيد”، “ملح وسمرة” و”ذهبت مع الماء” وجميعها انتاجات العام، أفكارا مترابطة تدور في نفس الدائرة حول التمييز العنصري واستعباد البشر وتجارة الرقيق، افكار غير مسبوقة تجاوزت مقص الرقيب، لان تجارة الرقيق لم تكن رائجة بالشكل الذي قدمته تلك الاعمال وبهذه الطريقة.

اول هذه المسلسلات والذي اثار ضجة يدعي البعض أنها مفتعلة مسلسل “دكة العبيد” والذي تقع أحداثه في أكثر من رواية فجاءت القصص المطروحة متشابهة حول تجارة استعباد البشر واستقواء القوي على الضعيف الى درجة العبودية، العمل من تأليف الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة واخراج الاسعد الوسلاتي، شارك في بطولة العمل مجموعة كبيرة من نجوم السعودية والوطن العربي والعالم، أبرزهم من السعودية فايز بن جريس، العنود سعود، هاشم نجدي، نواف الظفيري، حنين تركستاني، نزار السليماني، سعيد القحطاني، وكوكبة من النجوم العرب والأجانب أبرزهم أبيكشا بوروال، سانتشي راي، نك كورنوول، آيشواريا شانكير، كاناك غارغ وآخرون من الهند… شانونغاسكين، جانيك تشارلز، جاستينا بيوسا من المملكة المتحدة… لورين إليس توماس من أستراليا… كريستوفر جوردون، أفانت سترانجل من كندا، واللبنانية ناتاشا شوفاني وغيرهم.

وبين مناطق مختلفة في السعودية، جبال القوقاز، الهند، أفريقيا، تركيا، وغيرها من المناطق الجغرافية الغنية بالمشاهد الطبيعية الساحرة، يجد أبطال وبطلات العمل أنفسهم في قلب أحداثٍ تراجيدية يتعرّضون فيها لمواقف وجدانية مملوءة بالمخاطر والتحديات، ويضطرون لخوض صراعات ملحمية توحّد معاناتهم وتجمع مصائرهم على نحوٍ متشابكٍ ضمن وتيرة متسارعة، وأحداث قوامها التشويق والأكشن والحب والحرب.

من أهم المسلسلات التي يمكن القول أنها صدمت المشاهد الخليجي للمباشرة الصريحة، التي تناولها المؤلف الدكتور حمد شملان الرومي، في طرح فكرته حول حقيقة مُرة وقواعد راسخة ومبدأ ثابت عن التمييز في اللون وكيف ينظر افراد عائلة من أصحاب البشرة السمراء الى ذات المجتمع الذي ينتمون له وكيف تتقاطع مصائرهم عندما يتعلق الأمر بزيجة يكون طرفها من أصحاب البشرة البيضاء، هنا تعلو لغة التمييز العنصري وتبلغ ذروتها في حوار مباشر من دون رتوش أو لف ودوران، المسلسل من بطولة الفنانين هدى حسين، جمال الردهان، سحر حسين، عبدالله الطراروة وجميعهم خضعوا لرغبة مخرج المسلسل باستخدام ماكيير اظهرهم بوجوه تميل للبشرة السمراء.

أحدث عمل اعلنت منصة “شاهد” عن عرضه بعد أيام، وسبق لمنصة “شاشا” ان عرضته، هو مسلسل يتناول تجارة الرقيق في منطقة الخليج، المسلسل من تأليف منى الشمري وإخراج محمد دحام وبطولة فيصل العميري، حمد العماني، روان بن حسين ونور الشيخ، ويتناول فكرة سطوة وبطش القوي على الضعيف، وتفشي حقيقة اختلاف المذاهب، ثلاثة أزمنة مختلفة، ولكنها مترابطة الأحداث، حيث يحكي العمل عن قصص مختلفة تتناول قضية تعنيف الأطفال، وتعنيف المرأة وخاصة بعد الطلاق، كما يتناول قصة حب تجمع شاب وفتاة من مذهبين مختلفين، حيث يتمسك العاشقان بحبهما، ولكن يتملكهما الخوف من الفضيحة في مجتمعهما

وأخيرا ماذا ينتظر الدراما الخليجية من “هبّة” ستكون العنوان الرئيس للموسم المقبل، ويشير بعض العاملين في الوسط الفني ان الفترة المقبلة ستشهد عودة مسلسلات الفنتازيا التراثية مثل “الغرباء ومدينة الرياح والابريق المكسور” وغيرها.

كتب: فالح العنزي